عندما تبدأ تفكر البدء في مشروع جديد أو تطوير مشروع قائم، ويتطلب منك الدخول في نقاشات أو مفاوضات مع طرف أو أطراف أخرى، لا بد أن ينتهي نقاشك بأحد أربعة احتمالات إضافة إلى احتمال خامس هو عدم الاتفاق.. ولكي تستطيع الدخول في أية نقاشات أو مفاوضات، عليك أن تحدد الأشياء التي يجب تحقيقها من خلال هذا الحوار أو التفاوض.
ولكي تعرف ما الذي تريده وما الذي لا تريده، ولكي لا تقع في فخ الطرف الآخر بتصريف ما يريد تصريفه عليك، لا بد أن تحدد ما الذي تريده، ولا بد أن تضع معيارا لما يمكن أن يتحقق بحيث تقبل به أو ترفضه، وهذا المعيار أو المؤشر هو الحد الأدنى المطلوب، فإن تحقق ما تريد فهذا أمر رائع، وإن تحقق الحد الأدنى فيمكن القبول به، وفي ما يلي الاحتمالات التي تنتهي إليها جميع الحوارات والمفاوضات بغض النظر عن أطرافها أو محتوى وبنود التفاوض، وهذه الاحتمالات تظهر بالحالات والصور التالية:
الحالة أو الصورة الأولى:
أن تكون النتيجة (مكسب – مكسب) وهي أفضل نتائج النقاشات والحوارات والمفاوضات، حيث يحقق كل طرف مكسبا يرضيه سواء تكلل ذلك باتفاق مكتوب أو غير مكتوب، ويكون أطراف هذه النقاشات بالعادة أكثر حكمة وروية ومراعاة لمصالح الطرف الأخر.
وهذه الصورة تعني أنك ستحقق جميع رغباتك أو الحد أدنى منها، مع إتاحة الفرصة للطرف الآخر في تحقيق رغبته أو الحد الأدنى منها من خلال تعامله معك.. وقد ثبت أن صيغة مكسب – مكسب تؤدي إلى تحقيق المكاسب لكلا الطرفين وفقا للحد الأدنى المطلوب على الأقل، كما أنها تعزز اتفاق الطرفين والوصول إلى اتفاقات مستقبلية أخرى تعطي نفس النتائج، ومكسب – مكسب غالبا ما يتم تأسيسها على الثقة المتبادلة واليقين بأن الطرفين سيحققان مستويات مقبولة من المكاسب سواء كانت هذه المكاسب مادية أو معنوية.

الحالة الثانية:
أن تكون النتيجة (خسارة – خسارة) وهي أسوأ النتائج، حيث يعجز كل طرف من أطراف الحوار أو النقاش عن تحقيق ما يصبو إليه من مكاسب أو من تحقيق الحد الأدنى منها. ويعتبر سوء النية أو الشروط المسبقة أو المبالغة بالمكاسب أو عدم التمتع بالصلاحيات اللازمة لإتمام الاتفاق هي الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى هذه النتيجة، وينتج عن هذه الحالة أحد احتمالين:
* قتل الطموح في توسيع مساحة المصالح مع بقاء المصالح القائمة على ما هي عليه دون تغيير.
* تعطيل المصالح القائمة وعدم تحقيق أية مصالح مأمولة.

الحالة الثالثة:
وهي (مكسب – خسارة) أي أنني سأكسب مقابل أن تكون أنت الخاسر، وهذه النتيجة تكون مرضية لي، أما بالنسبة لك فهي تعتمد على طبيعتك من جهة، وقدرتك على قبول فكرة أن تخسر من أجلي، وفي غالب الأحيان فإن هذه النتيجة سيتم رفضها في ما بعد، عندما يصل الطرف الخاسر إلى درجة تدعوه لرفض هذه النتيجة. وهنا قد تبدأ مرحلة جديدة من النقاش والحوار، وستنتهي حتما بإحدى نتيجتين: إما (مكسب – مكسب) أو (خسارة – خسارة) ويتوقف ذلك على موقف الطرف الأول الذي أمثله أنا.

وغالبا ما تؤدي صيغة مكسب – خسارة إلى قتل الثقة المتبادلة بين الطرفين خاصة عندما يبدو للطرف الخاسر حرص الطرف الأخر على استغلاله حتى النهاية، إضافة إلى عزوف الطرف الخاسر عن الدخول في أية علاقة مستقبلية مع الطرف الآخر، أي أنها تؤدي في نهاية المطاف إلى قطيعة بين الطرفين في معظم الأحيان.
الحالة الرابعة:
وهي (خسارة – مكسب) حيث أقبل بالخسارة مقابل تحقيق مكسب للطرف الآخر، وهذا كما هو في الحالة الثالثة يتوقف على مقدار قبولي وقدرتي على تحمل الخسارة، ولا بد أن تنتهي هذه الحالة إلى (مكسب – مكسب) أو (خسارة – خسارة) في نهاية المطاف.
الحالة الخامسة:
هي عدم الاتفاق والتحلل من الوعود أو الالتزامات المفترضة في المستقبل، وهذه الحالة ضرورية عندما يشعر الطرفان أو أحدهما أن الاتفاق لن يحقق له أية مكاسب، وبهدف عدم تحقيق الخسائر يتم اللجوء عليه، وهذه الحالة تفترض بقاء الأوضاع على ما هي عليه، ومن فوائدها أنها لا تحول الشركاء والأصدقاء إلى أعداء، وهي تشبه الانسحاب الإيجابي من الاتفاقات المستقبلية مع بقاء المصالح القائمة على ما هي عليه إن كان هناك مصالح، وتتيح لكلا الطرفين إمكانية إبرام صفقة في وقت لاحق.

نصيحة:
إذا دخلت يا عزيزي أية نقاشات أو حوارات أو مفاوضات يترتب عليها حقوقاً ملزمة لك أو لشريكك، عليك العمل على تحقيق الصورة الأولى (مكسب – مكسب) لأن العلاقة الإيجابية ستدوم طويلا والمكاسب تزداد يوما بعد يوم بفضل الرضا أو التوافق الذي تصل إليه الطرف أو الأطراف الأخرى.. وفي حال عدم الوصول إلى هذه الصورة، فلا بد من الانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي (عدم الاتفاق) أي التوقف عند آخر نقطة اتفاق، وهذه العملية تشبه إلى حد ما الانسحاب الإيجابي مع ترك الباب مفتوحا للتعاون الحالي والتفاوض المستقبلي في وقت لاحق..
خالد الشريعة