أوقفوا هذا الرجل

يطل علينا بين الحين والآخر خبير ومختص ومحلل ورئيس تحرير وكاتب وغيرهم..

كثير منهم يعزف على أوتار صاحب السلطة، وآخرون يعزفون على مزمار المؤسسة التي ينتمون إليها.. لكني كمواطن لا أدين بالولاء إلا لله وحده لا شريك له رباً ومعبوداً، وللوطن ملجأ وملاذا.. أرى غير ما يتفوه به أولئك، فمؤشرات واقعنا تختلف عن مؤشرات دراساتهم، حتى أن دراساتهم لم تعد تهمني ولا تمس الوطن ولا تلمس المواطن..

في بداية الأزمة العالمية منذ نحو خمس سنوات، قيل لنا بأن الأردن من البلدان القليلة (كلبنان) لن تتأثر بهذه الأزمة، بل إن موارد جديدة بدأت بالتدفق على الوطن.. لقد فتحنا آذاننا وصدقنا ما قيل لنا.. إلى أن عصفت بنا الأزمة الحقيقية بتأثير فاق الدول التي تولدت فيها هذه الأزمة قياسا بحجم الاقتصاد والموارد والسكان، وبعدها قيل لنا إن خطة مكونة من مئات البنود كفيلة بإخراج بلدنا من الأزمة إلى بر الأمان، وكأن الأزمة قارب صيد راسٍ على الشاطئ وننتظر من يخرجنا منه إلى البر.. وما زلنا في نفس الأزمة، وفي حلق الزجاجة أو عنقها، أو على ذلك المفترق من الطرق، أزمة متبدلة بألوان قوس قزح تفرض ظلالها وألوانها على المجتمع بأبعاده الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحقوقية.

إذا نظرنا إلى حال المواطن قبل عقد من الزمن على سبيل المثال، فإنه لم يكن حاله بهذا السوء، لكن فترة الحكومة الحالية التي بسط نفوذه بها الدكتور عبد الله النسور جعلت المواطن أكثر سوءا مما سبق، وأصبح يعاني بحق من ظنك الحياة مصحوبا بغلاء الأسعار وانخفاض الدخول والموارد المالية للمواطن العادي، وصاحَب ذلك ارتفاع في نسبة البطالة وارتفاع في مستوى الفقر المدقع لدرجة أن المواطن لم يعد قادرا على الوفاء برسوم الدراسة لأبنائه، ولا العلاج لنفسه وعائلته، ولا حتى كسوة الشتاء والصيف، فما بالك بأثمان وقود التدفئة في موسم الشتاء القادم.

كان الناس يعلقون على النسور آمالاً كبيرة كونه قادم من تيار يساري قائم على شيء من النهج الاشتراكي، والنهج الاشتراكي يركز على مساهمة الدولة وشراكتها في تقديم الخدمات للناس وشراكتها للملكية أيضا وتخفيف العبء عن المواطنين.. إلا أنه أي رئيس الحكومة صفع الاشتراكية على وجهها، وتنصل من اليسار واليمين على حد سواء، لدرجة أن اليساريين أنفسهم لم يعودوا يجرؤون على انتقاد أفعاله لأنها محسوبة عليهم أيضا، لقد شوه الفكر الاشتراكي، وشوه وجه الاقتصاد الأردني، وشوه الأمن الاجتماعي للبلاد وشوه صورة الأردن في الخارج أيضا من خلال سلسلة من التشريعات والممارسات القمعية التي تطال المواطن ووسائل التعبير عن الرأي واعتقال من يخالف سياسة حكومته باعتبار أنه يزعزع النظام أو أمن البلاد.

لكن، ما هي الجرائم التي ارتكبها النسور حتى وصلت البلاد إلى ما آلت إليه اليوم؟
إن كثيرا من الجرائم التي ارتكبها رئيس الوزراء بحق الوطن، ويعاقب عليها القانون بعقوبات متفاوتة، أهل القانون أدرى بها وبحجمها لكننا نعيش آثارها المباشرة والجانبية، ومن هذه الجرائم:

أولاً – التستر على شريحة كبيرة من الفاسدين، الذين يعيثون في البلاد فساداً سواء في مجال إدارة الدولة أو في المجال المالي، وتجلى ذلك بإيقاف وإقفال العديد من قضايا الفساد المرفوعة على شخصيات بارزة في الوطن تباينت ما بين اختلاس وإهدار للمال العام وعقود وهمية وغيرها، ساهمت جميعها في الإضرار بالاقتصاد الكلي للبلاد، علاوة على نهب أموال طائلة من المال العام أو الشركات الأهلية المساهمة، وتعرض المساهمين بها إلى خسائر وصلت إلى رؤوس أموالهم.. (جريمة بالقانون الأردني)

ثانياً – التستر على شريحة من المجرمين الذين ارتكبوا جرائم بحق الوطن مثل الاعتداء على المواطنين الأردنيين وعلى ممتلكاتهم لمجرد تمسكهم بحقهم في التعبير عن آرائهم، ويعرف هؤلاء المجرمون بالبلطجية، فقد قامت الحكومة بأجهزتها المعنية بتوجيههم وتأمين الحماية لهم، إضافة ظهور الجريمة المنظمة التي قد يكون ظهورها رادعا للمواطنين عن الاستمرار في معارضة سياسات الحكومة الجانحة، ورافق ذلك تعرض أملاك الناس للخطر كالسيارات والمحال التجارية والمساكن وغيرها، وعدم جدية الحكومة في ملاحقة المجرمين بما يوازي جديتها في متابعة الحراكيين وجلبهم واعتقالهم. (جريمة بالقانون الأردني)

ثالثاً – حرمان المواطن الأردني من العيش بكرامة من خلال رفع شامل للأسعار مقابل ثبات في الرواتب وخاصة رواتب القطاع الخاص من شركات ومؤسسات عامة وخاصة وفردية ودون تقديم أدنى حماية اقتصادية اجتماعية له.. مما جعل المواطن يترنح تحت ضغوط الديون أو الحرمان والالتزامات المالية المتلاحقة.. (مخالفة لأحكام الدستور)

رابعاً – تعطيل مبدأ تكافؤ الفرص، وذلك من خلال التعيينات غير النظامية خاصة في الوظائف القيادية العليا في البلاد، والتي كانت تتم بدون أية معايير وظيفية أو مؤهلات أو خبرات كشروط معيارية لإشغال هذه الوظائف، كما طال تعطيل مبدأ تكافؤ الفرص الذي ضمنه الدستور والقوانين المتعلقة به حرمان كثير من المواطنين من الحصول على الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها بعد تفضيل من يملك على من لا يملك رغم حصوله على درجات تؤهله لذلك. وقد رافق تعطيل مبدأ تكافؤ الفرص عمليات بيع منظمة للخدمات بعد أن كفل الدستور تقديمها للجميع دون تمييز خاصة في المجالات التعليمية والصحية والتوظيف. (جريمة بالقانون الأردني ومخالفة لأحكام الدستور)

خامساً – الإساءة لعلاقات الأردن بالعديد من الدول العربية ومحاولة ابتزازها، رغم أن هذه الدول العربية قدمت للأردن مبالغ مالية ضخمة لكنها ذهبت مذهب الريح إلى حيث لا عودة، وهنا أقصد أنه لم يستطع تحقيق أي توازن في العلاقات الأردنية العربية سوى مع النظام السوري ذي النهج المشابه لنهج رئيس حكومتنا.. إضافة إلى فشله في تحسين علاقة الأردن مع العراق أو ومحاولة تحقيق منافع مشتركة للبلدين.. (جريمة بالقانون الأردني)

سادساً – الارتفاع المجنون للأسعار سواء من خلال الضرائب العشوائية غير المدروسة أو من خلال الاحتكارات المنظمة والمحمية من شخصيات متنفذة بالدولة، أدت إلى تذمر السائح وخاصة العربي الخليجي من ارتفاع أسعار الخدمات والسلع التي يحتاجها السائح، حيث أن جميع من ألتقيهم يشكون ارتفاعا عاما للأسعار الخدمات والسلع في الأردن في بلدانهم، وقد أشار بل أكد غالبيتهم أنهم أخذوا يغيرون وجهاتهم عن الأردن (والبحرين) لغلاء الأسعار وكذلك سوريا ومصر ولبنان بسبب الأوضاع الأمنية والتوجه إلى دول أخرى من بينها تركيا وتايلاند وفيتنام وأندونيسيا وماليزيا والفلبين، وكانت انتقاداتهم للأسعار المرتفعة منصبة على أجور الفنادق والوقود والمطاعم.. وهذا يعني أن القطاع السياحي سيتراجع بشكل ملحوظ عندما يصبح لدى السائح العربي قناعة واعتقادا بأن الإقامة بالأردن تكلفه أكثر من ادخاره لرحلة سياحية سنوية أو نصف سنوية. (سوء إدارة وإساءة استخدام السلطة – جريمة بالقانون الأردني)

سابعاً – ارتفاع تكاليف الإنتاج في الأردن سيؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأردنية في الخارج، وهذا سيضعف قدرتها على منافسة السلع المنتجة في دول أخرى كالهند والصين وتركيا ومصر كدول نامية.. وتكاليف الإنتاج ترتفع بشكل طردي ومتواز مع ارتفاع أسعار المشتقات البترولية وارتفاع أثمان الكهرباء والماء والنقل وأسعار الآلات الداخلة بالإنتاج وكذلك المواد الأخرى الخام التي يتم تحويلها إلى منتجات صناعية أخرى. وهذا سيؤدي حتما إلى ضعف قدرة منافسة الصناعات الأردنية أمام الصناعات الأخرى في الأسواق الخارجية وحتى داخل السوق المحلي الأردني. (سوء إدارة وإساءة استخدام السلطة – جريمة بالقانون الأردني)

ثامناً – تخاذل الحكومة عن متابعة المواطنين الأردنيين المعتقلين بالخارج خاصة في إسرائيل والعراق وتقديم كافة السبل الكفيلة بإعادتهم إلى الأردن، ومتابعة قضايا المغتربين الأردنيين في الخارج. (مخالفة لأحكام الدستور)

تاسعاً – نتيجة للارتفاع العام بالأسعار والذي يطلق عليه مفهوم التضخم، أدى إلى زيادة تكاليف تشغيل الإدارات الحكومية ، وهذه التكاليف أدت إلى زيادة الدين العام على الدولة سواء الداخلي أو الخارجي إلى أرقام قياسية لم يكن القانون يسمح بتجاوزها، وهذا أيضا سيضيف العبء على المواطن لأنه سيتحمل مسؤولية سداد هذه الديون عاجلا أم آجلا، وسيكون ذلك على حساب خدمات نوعية ينبغي على الحكومة تقديمها للمواطن. (سوء إدارة وإساءة استخدام السلطة – جريمة بالقانون الأردني)

عاشراً – تدني مستوى الخدمات الحكومية التي تقدمها من خلال المؤسسات المختلفة كإدارة الأحوال المدنية والجوازات وكذلك الأراضي (والمحاكم وإن كانت تخضع لسلطة أخرى) وسائر الإدارات الحكومية التي تستنزف من المواطن قضاء يوم أو أكثر لإنجاز معاملة واحدة وذلك بسبب نقص الكوادر الوظيفية وانحسار انتشار المراكز الخدمية إضافة إلى مركزية العديد من الوزارات والدوائر الحكومية في عمان.. (سوء إدارة وتقصير بالواجب – جريمة بالقانون الأردني)

لهذه الأسباب.. يمكن أن نقول لهذا الرجل.. عليك بالرحيل وانتظار الدعاوى القضائية، فأنت لم تكن الإنسان المناسب لهذه المنصب أو أنك لم تفِ بالأمانة التي أقسمت على صونها..

(مواطن مطحون)

الإعلان

انشر تعليقك

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s