الامتثال والالتزام: خطوة نحو التميز

الامتثال.. الالتزام.. الانضباط..

في عالم الأعمال، غالباً ما يتم استخدام مفهومي “الامتثال” و “الالتزام” بشكل متبادل، على الرغم من أن لكل منهما معنىً ومغزىً مختلفا عن الآخر. إن فهم الفرق الدقيق بين هذين المفهومين يُعدّ ضروريًا لضمان التزام المنظمات بالقوانين والمعايير بشكل فعّال من جهة، وتعزيز ثقافة المسؤولية الأخلاقية والاستدامة من جهة أخرى…

الامتثال: يعني الخضوع بالحد الأدنى

ومن هنا، فإن مصطلح “الامتثال” يشير إلى وجوب العمل وفقا للقوانين والأنظمة واللوائح ولقواعد والمعايير والشروط المعمول بها بشكل صارم سواء بالأمر أو النهي. بمعنى آخر، هو فعل ما هو مطلوب لتجنب العقوبات أو المخالفات القانونية. ويُعدّ الامتثال سلوكًا سلبيًا إلى حدٍ ما، حيث يتم فيه اتباع القواعد خوفًا من العواقب السلبية بدلاً من إيمانًا بأهميتها. غالبًا ما يكون تركيزه قصير المدى، حيث يهدف إلى تحقيق الامتثال الفوري للقواعد دون النظر إلى التأثيرات طويلة المدى..

مُحفزات الامتثال:

1- الخوف من العقوبات: غرامات، سجن، تعطيل الأعمال.

2- تجنب المخاطر: مخاطر قانونية، مالية، سمعة سيئة.

3- المؤثر الخارجي: من قبل الحكومات، المنظمات الإشرافية، أصحاب المصلحة..

أمثلة على الامتثال:

1- امتثال شركة بدفع الضرائب المستحقة عليها.

2- امتثال شركة بتطبيق معايير السلامة في مكان العمل.

3- امتثال شركة بحماية بيانات العملاء الشخصية.

4- امتثال المسافرين لتعليمات الصعود إلى الطائرة.

الالتزام: يعني السعي نحو الأفضل.

يُشير مصطلح “الالتزام” إلى الالتزام بمعايير السلوك الأخلاقي والمبادئ بشكل طوعي. يتجاوز الالتزام مجرد الامتثال للقواعد، فهو سلوك إيجابي ينبع من قناعة المنظمة بأهمية هذه المعايير والمبادئ وأثرها الإيجابي على جميع أصحاب المصلحة.. ويعتبر الالتزام خطوة طويلة المدى، حيث يهدف إلى تحقيق التميز والمسؤولية الاجتماعية والاستدامة على المدى الطويل من خلال الوفاء بالعقود والعهود والخطط والسياسات التي تصدر عن الجهة..

مُحفزات الالتزام:

1- الإيمان بالقيم والمبادئ: قيم أخلاقية، مسؤولية اجتماعية، استدامة.

2- السعي إلى التميز: بناء سمعة طيبة، كسب ثقة العملاء، تعزيز الميزة التنافسية.

3- الدافع الداخلي: رغبة المنظمة في فعل ما هو صحيح بغض النظر عن المتطلبات الخارجية..

ومن هنا، فإن التركيز على الالتزام لا يُعدّ عبئًا على المنظمات، بل هو استثمار يُؤدّي إلى فوائد جمة، تشمل:

1- تحسين السمعة وتعزيز ثقة العملاء.

2- زيادة الميزة التنافسية وجذب المزيد من الفرص.

3- تقليل المخاطر القانونية والمالية.

4- تحفيز الموظفين وتعزيز الإنتاجية.

5- المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة..

أمثلة على الالتزام:

1- التزام شركة بتقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية تفوق توقعات العملاء.

2- التزام شركة بدعم الممارسات الصديقة للبيئة والحد من تأثيرها على البيئة.

3- التزام شركة بمعاملة موظفيها باحترام وإنصاف وخلق بيئة عمل إيجابية.

4- بالتزام الشركة ببنود العقود والاتفاقيات التي تبرمها مع الآخرين.

5- التزام الشركات بالسياسات التي تعلنها للجهات المعنية..

وتسعى المنظمات التي تُركز على الالتزام إلى تحقيق التميز والمسؤولية الاجتماعية والاستدامة من خلال اتباع نهج ذاتي يضع قيمها ومبادئها في طليعة اهتماماتها.

وإذا ما دمجنا كل من الامتثال والالتزام، فإننا سنخرج بمفهوم آخر، لا يقل عنهما أهمية، وهو الانضباط، وهو يشير إلى القدرة على التحكم في الذات واتباع القواعد واللوائح والمعايير بشكل طوعي..

ويعد الانضباط صفة أساسية تساهم في تحقيق النجاح في مختلف مجالات الحياة، ولعل أهم فوائده تشمل:

1- تحقيق الأهداف: يُساعد الانضباط على التركيز على الأهداف وتحقيقها من خلال المثابرة والالتزام بالمهام.

2- تعزيز الإنتاجية: يُتيح الانضباط تنظيم الوقت واستغلاله بشكل فعّال، مما يُؤدّي إلى زيادة الإنتاجية.

3- تحسين المهارات: يُساعد الانضباط على تطوير المهارات المختلفة من خلال التدريب والممارسة المستمرة.

4- بناء الثقة بالنفس: يُعزز الانضباط الشعور بالإنجاز والثقة بالنفس، مما يُؤدّي إلى تحسين الصحة النفسية.

5- تكوين علاقات إيجابية: يُساعد الانضباط على احترام الآخرين والتزاماتهم، مما يُؤدّي إلى تكوين علاقات إيجابية مبنية على الثقة والاحترام.

6- الحصول على فرص أفضل: يُعدّ الانضباط من أهم الصفات التي يبحث عنها أصحاب العمل، مما يُؤدّي إلى الحصول على فرص أفضل في العمل والدراسة.

7- تعزيز الثقة: يعزز انضباط الشخص أو المنظمة ثقة الآخرين والعملاء، مما يجعلهم يثقون بهم، ويطمئنون تجاه أية اتفاقيات أو عقود يمكن إبرامها معهم، كما أنه يحسن من صورة المنظمة لدى الجهات المشرفة عليها، ويعزز من سمعتها الإيجابية.

.

وأخيرا.. فإن الامتثال هو الحد الأدنى المطلوب من المنظمة لتجنب العقوبات، بينما الالتزام هو السعي إلى الأفضل من خلال اتباع مبادئ أخلاقية ومعايير عالية، وأما الانضباط، فهو المفهوم الذي يحقق غاية كل من الامتثال والالتزام.


اكتشاف المزيد من خالد الشريعة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

انشر رأيك أو تعليقك حول هذا الموضوع

ابدأ مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑