الزميل المتغطرس (قصة قصيرة)

عضو جديد في فريق العمل:

لقد نجحنا في استقطاب كفاءة علمية وإدارية، إنه د. فارس،.. لقد شعرنا بنشوة الانتصار، فلديه سيرة ذاتية مبهرة، وجميلة ورائعة، ولديه خبرات ومؤهلات وكفاءة عالية، تتمناها أية منظمة تسعى إلى التفوق والتميز في أدائها ونتائجها، وكان جيدا أثناء المقابلة الوظيفية.

البداية

باشر فارس عمله، ومنذ اليوم الأول ظهرت عليه علامات النرجسية والفوقية، لكنها قد تكون ناتجة عن التغيير المفاجئ أو الالتحاق بمؤسسة جديدة تجعله يبدوا وكأنه نرجسي.. ومضت الأيام يوما بعد يوم، لكن الحال لم يتغير، بل بدأ يتفاقم، وأصبحت صفاته السلوكية تتضح بصورة جلية لدى الجميع، وخاصة المقربين منه، والذين يعملون ضمن دائرة وظيفته.

المعاناة

لم يستطع زميلي د. فارس قادا تقديم نفسه ولا تقديم مشكلاته إلى الرئيس بشكل حسن، فهو متعالي ومتكبر، ويظن نفسه أعلى من المدير وأعلى من كافة الزملاء، وأن لديه طموحات لأن يكون الأفضل في محيط المؤسسة حتى من المدير نفسه.

لقد كان منهمكاً في عرض نفسه على أنه الأفضل على الإطلاق في عصر ليس فيه حكماء ولا عقلاء ولا ذوي اختصاص عال في المجال الإداري والاجتماعي ومجال الإعاقة أيضا، ويحاول أن يعترض على كل شيء، يريد تغيير كل شيء، ينتقد الفعل والفاعل والمفعول به.

وعندما يكون منفردا مع مرؤوسيه، فإن يتسلط على عليهم، ويقهرهم ويؤذيهم بأقواله وأفعاله، أما هم، فكانوا يسخرون منه ولا يطيعونه، وصاروا يتجاهلون توجيهاته وأوامره، لدرجة أنه طلب من أحد زملائه عدم إقامة الصلاة إلا بإذنه. لقد كان نرجسيا مستبدا للغاية، أما فريق العمل من العاملين معه فقد انسلخوا عنه بالكامل ولم يعد أحد يتعاون معه.

العلاج

وحاول بعض العاملين معه التحاور معي لكي يصل إلى الطريقة المثلى للتعامل معه..، لقد كانت ردودي دائما بعدم التصعيد إلى الصراع، وأن الواجب أن تتعامل معه باحترام ومودة بغض النظر عن طبيعة تصرفاته، ومن جانب آخر، فقد أخبرتهم مرارا وتكرارا بأن لدينا هيكلا تنظيميا يوضح المهام لكل موظف، وأن كل موظف له حدود وظيفيه لا ينبغي له تجاوزها إلا ضمن إطار محدود بموافقة رئيسه المباشر أو بقرار من الإدارة العليا أو للضرورة القصوى غير المتكررة.

لقد شرحت لهم طبيعة المهام المطلوبة من زميلنا الدكتور والمهام المطلوبة منهم، وأنه لا ينبغي له أو لكم تجاوزها، وأن أي أمر خارج صلاحيات أي كان، سيكون بالتأكيد من صلاحيات موظف آخر أو من صلاحيات الإدارة، فعمله محدود وواضح، وما عدا ذلك ليس من اختصاصه. وينبغي الاستيضاح عن أية مسألة فيها تجاوز والإبلاغ عنها سواء بصيغة شكوى أو مقترح أي بلاغ آخر. وفي نهاية المطاف فنحن كزملاء وموظفين، من الواجب علينا أن نعمل بإخلاص تجاه المنظمة لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك، وأمرنا أن نعمل بإتقان وإحسان، والإخلاص في العمل يحقق الإتقان ويحقق الإحسان.

لقد اطمأن فريقه مما قدمته لهم من إيضاحات، وتأكدوا بأن كل موظف لدينا هو موظف أساسي، وليس لأحد أن ينقص من قيمة آخر، وأنه ليس بإمكان أي موظف فصل موظف آخر أو إلحاق الأذى أو الضرر به بأية طريقة أو أسلوب.

وعند الحوار معه حول شكوى زملائه، لم تكن ردوده مرضية، لقد كانت ردودا مليئة بالفوقية والتسيد والأنانية، وبدا واضحا أن هذا السلوك لا يمكن تغييره.

النتيجة

وبعد التحقق من معاناة فريق العمل، والتثبت من مصداقيتهم بالأدلة والشواهد، لم يكن بوسع الإدارة إلا التمسك بفريق العمل والتخلي عن الزميل المحترم وتركه لحال سبيله.


اكتشاف المزيد من خالد الشريعة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

انشر رأيك أو تعليقك حول هذا الموضوع

ابدأ مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑