اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات

اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات بما يتوافق مع مواصفة (ISO9001:2015)

مقدمة:

أصبحت البيانات والأدلة بمثابة الأساس الذي يبنى عليه اتخاذ القرارات الفعّالة والموثوقة. مع الانتشار المتزايد للمعلومات وتحليل البيانات، باتت المنظمات تدرك أهمية استخدام الأدلة في دعم القرارات الاستراتيجية والتشغيلية. يأتي معيار (‏ISO9001:2015‎‏)‏‎ ‎كإطار عمل معترف به عالميًا يحدد متطلبات نظام إدارة الجودة، ويؤكد على ضرورة اعتماد البيانات والأدلة في تحسين الأداء وضمان الجودة.

تتيح مواصفة ‏ (‏ISO9001:2015‎‏)‏‎ ‎للمنظمات تطبيق مبادئ الإدارة الفعّالة من خلال توفير إطار عمل موجه نحو تحقيق الجودة والتفوق المستمر. يتضمن هذا المعيار توجيهات واضحة حول كيفية جمع وتحليل البيانات لاتخاذ قرارات مدروسة. من خلال تطبيق هذه المبادئ، يمكن للمنظمات تحسين عملياتها وزيادة رضا العملاء، مما يعزز القدرة التنافسية في السوق.

تتضمن عملية اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة استخدام أدوات وتقنيات تحليلية لمراجعة البيانات واستخلاص رؤى ذات قيمة. يتطلب هذا النهج القدرة على جمع البيانات الصحيحة، تحليلها بشكل فعّال، وتفسير النتائج بما يتماشى مع أهداف الجودة، يتناول معيار (‏ISO9001:2015‎‏)‏‎ ‎كيفية تحقيق ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات والتوجيهات التي تساهم في تعزيز فعالية النظام.

تكمن أهمية هذا النهج في كونه يعزز من مصداقية القرارات المتخذة ويقلل من المخاطر المرتبطة بها. عبر اعتماد البيانات كمصدر رئيسي للمعلومات، تضمن المنظمات اتخاذ قرارات مبنية على أسس قوية وقابلة للتحقق. يساهم ذلك في تحسين الأداء، زيادة الكفاءة، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات في بيئة الأعمال.

مفهوم (ISO9001:2015) وعلاقته باتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات

ذكرنا في التمهيد أن مواصفة ‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎هي معيار دولي لنظام إدارة الجودة (QMS)، وهذا المعيار يركز على تلبية متطلبات العملاء والتحسين المستمر، كما أنه يحدد المبادئ الأساسية لإدارة الجودة، بما في ذلك التركيز على العملاء، القيادة، والكفاءة، وإشراك الأفراد وإدارة العلاقات وغيرها.

ومن مبادئ معيار ‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎هو اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة، ويعتمد هذا المبدأ على جمع وتحليل البيانات بشكل منهجي لاتخاذ قرارات مستنيرة، ويهدف إلى تقليل المخاطر وتحقيق أعلى مستوى من الفعالية في العمليات من خلال استخدام المعلومات الدقيقة، أما الأدلة والبيانات فهي أساس التحسين المستمر لنظام إدارة الجودة، وباستخدام تحليل البيانات، يمكن للشركات تحديد نقاط الضعف واتخاذ الخطوات التصحيحية أو الوقائية، ويستخدم التحليل المنهجي للبيانات لإدارة التحسينات على العمليات والخدمات، مما يعزز من قدرة المؤسسة على تلبية متطلبات العملاء وتجاوز توقعاتهم، كما يتطلب المعيار توثيق البيانات وتحليلها كجزء من نظام إدارة الجودة، ويشمل التوثيق: سجلات العمليات، نتائج التقييمات.

كما أن هذه العلاقة على صلة وثيقة بمبدأ التحسين المستمر كأحد المبادئ الأساسية في المعيار، ويعتمد بشكل كبير على القرارات المبنية على الأدلة والبيانات، فمن خلال مراقبة البيانات وتحليلها بانتظام، يمكن للمؤسسات تحديد فرص التحسين وتطبيق تغييرات فعالة لتحقيق نتائج أفضل.

وبالرغم من الفوائد الجلية لعملية اتخاذ القرارات المبنية على البيانات والأدلة، إلا إنه يمكن أن تواجه المؤسسات تحديات في تنفيذ القرارات المبنية على الأدلة، مثل الحاجة إلى مهارات تحليلية متقدمة وصعوبة جمع البيانات الصحيحة، والتغلب على هذه التحديات يتطلب الاستثمار في تدريب الموظفين وتطوير أنظمة لجمع وتحليل البيانات بفعالية.

والخلاصة من هذا التمهيد، فإن الحاجة ملحة للتكامل بين مبادئ معيار‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎ واتخاذ القرارات المبنية على الأدلة، لضمان وجود نظام إدارة جودة فعال، يسهم في تحقيق رضا العملاء وتحسين الأداء من جهة، وأن استخدام البيانات بفعالية لدعم القرارات يمكن أن يؤدي إلى تحسين مستدام للجودة، مما يعزز من القدرة التنافسية للمنظمة من جهة أخرى.

مفهوم اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات:

لفهم تعريف اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات وفقا لمواصفة ‎‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎‎، يجب أن نبدأ بتوضيح الأساس العلمي والمنطقي لهذا النهج، وكيفية تطبيقه في سياق نظام إدارة الجودة، حيث يشير مفهوم اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات إلى “عملية اتخاذ قرارات قائمة على معلومات موثوقة وقابلة للتحقق”، بدلا من الاعتماد على الافتراضات أو الخبرة الشخصية فقط، والهدف من هذا النهج هو تعزيز دقة القرارات وتقليل مخاطر الفشل من خلال الاستفادة من البيانات المتاحة.

  • مثال: إذا كانت شركة تصنيع تواجه زيادة في نسبة العيوب في المنتجات، فإن نهج اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة يتطلب جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالعملية الإنتاجية، مثل معدلات العيوب، وأوقات التشغيل، والموردين، والمدخلات، بدلا من مجرد التخمين حول السبب، يتم اتخاذ قرار مستنير بناء على البيانات، فقد يظهر الحل المناسب في قرار تغيير أحد الموردين الذي تظهر بياناته علاقة بزيادة العيوب

ويعتمد هذا النهج على الفكرة القائلة بأن القرارات المستنيرة والمعتمدة على البيانات تكون أكثر دقة وفعالية، كما يستند إلى استخدام الأدوات والمنهجيات العلمية لتحليل البيانات، مثل الإحصاءات والتحليل النوعي، للوصول إلى استنتاجات مبنية على الأدلة

  • مثال: قد تتخذ إدارة مستشفى قرارات علاجية بناءً على البيانات السريرية والتحاليل الإحصائية لنتائج المرضى، بدلا من الاعتماد فقط على خبرة الأطباء الفردية. هذا يساهم في تحسين نتائج المرضى ويقلل من احتمالات الأخطاء الطبية.

وتتطلب مواصفة ‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎من المؤسسات استخدام الأدلة والبيانات كجزء من نظام إدارة الجودة، وهذا يعني أن على المؤسسات أن تكون قادرة على جمع وتحليل البيانات بفعالية، ومن ثم استخدام هذه البيانات لاتخاذ قرارات تدعم أهداف الجودة، ويشمل ذلك توثيق العمليات لضمان الشفافية وإمكانية التحقق من صحة القرارات.

ويعتبر اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة جزءا من دورة التحسين المستمر (Plan-Do-Check-Act: Cycle – PDCA) في كل مرحلة من الدورة، يتم استخدام البيانات لتحسين العمليات، مما يؤدي إلى قرارات أفضل وأداء محسن بمرور الوقت.

  • مثال: بعد تنفيذ تغييرات بناء على البيانات المجمعة، تقوم شركة تصنيع الإلكترونيات بمراقبة النتائج الجديدة باستخدام بيانات الأداء المحدثة. إذا أظهرت البيانات تحسنًا، يتم اعتماد التغيير كجزء من العملية القياسية؛ وإذا لم يكن التحسن كافياً، تعود الشركة إلى تحليل البيانات لاتخاذ قرارات أخرى.

وعلى كل الوجه، يجب على المنظمة توثيق كافة الخطوات والنتائج التي تصل إليها، فالتوثيق هو جزء أساسي من ‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎ويتطلب في هذا الشأن توثيق جميع القرارات والخطوات المتخذة بناء على الأدلة والبيانات، لكي يساعد المنظمة في المراجعة والتحقق من فعالية القرارات، ويضمن استمرار التحسين.

  • مثال: إذا قررت شركة تطوير برامج تحسين طريقة اختبار منتجاتها بناء على بيانات الأعطال، يجب عليها توثيق التحليل الذي قاد إلى هذا القرار، وكذلك نتائج التغييرات المطبقة، فهذا التوثيق يسهل مراجعة القرار لاحقاً وتحديد مدى نجاحه.

دور البيانات في نظام إدارة الجودة

دور البيانات في نظام إدارة الجودة (QMS) وفقًا لمعيار ‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎ ‎هو دور حيوي ومحوري لتحقيق أهداف الجودة وضمان التحسين المستمر. يتمحور هذا الدور حول استخدام البيانات لتحليل الأداء، اتخاذ القرارات، تحسين العمليات، والتأكد من تحقيق رضا العملاء. فيما يلي توضيح لأدوار البيانات في نظام إدارة الجودة:

  • ويضمن جمع وتحليل البيانات تحقيق الجودة مراقبة الأداء وتحديد مدى توافق المنتجات أو الخدمات مع معايير الجودة المحددة، مثل قيام مصنع بجمع بيانات حول عدد المنتجات المعيبة التي تظهر خلال مراحل التصنيع المختلفة. هذه البيانات تسمح بتحليل الأسباب الجذرية للعيوب واتخاذ الإجراءات التصحيحية.
  • البيانات هي الأساس لاتخاذ قرارات مستنيرة داخل نظام إدارة الجودة، ويعتمد على استخدام بيانات دقيقة وموثوقة لتحليل المشاكل وتحديد الحلول المناسبة، ومن الأمثل على ذلك في حال إذا واجهت شركة زيادة في شكاوى العملاء، يتم تحليل بيانات الشكاوى لتحديد النمط المتكرر وتحديد السبب الجذري للمشكلة، مما يؤدي إلى اتخاذ قرار بتحسين عملية معينة أو تعديل المنتج.
  • تستخدم البيانات لتحديد فرص التحسين داخل نظام إدارة الجودة، ومن خلال المراقبة الدورية وتحليل البيانات، يمكن للشركات تنفيذ تحسينات مستمرة على العمليات، مثل تحليل بيانات الأداء بشكل دوري قد يكشف عن تراجع في الكفاءة الإنتاجية، وبناءً على هذا التحليل، يمكن اتخاذ قرار بتدريب الموظفين أو تعديل العملية الإنتاجية لتحسين الأداء.
  • استخدام البيانات لقياس الأداء مقابل الأهداف المحددة في نظام إدارة الجودة. هذا يساعد في تحديد مدى تحقيق الأهداف وتحديد المجالات التي تتطلب تحسينا، مثل قيام شركة خدمات بوضع هدف لتقليل وقت استجابة خدمة العملاء، ومن خلال تحليل البيانات المتعلقة بأوقات الاستجابة والذروة، يمكنها تقييم مدى تحقيق هذا الهدف واتخاذ خطوات لتحسين الأداء إذا لزم الأمر.
  • تلعب البيانات دورا أساسيا في توثيق العمليات والقرارات داخل نظام إدارة الجودة، كما أنها أساسية عند إجراء المراجعات الداخلية أو الخارجية لضمان الامتثال للمعايير، مثل قيام شركة تكنولوجية بتوثق جميع بيانات الأداء وتحليلها، مما يسهل مراجعة النظام من قبل المدققين الخارجيين وتحديد أي نقاط عدم تطابق مع متطلبات الجودة.
  • قياس رضا العملاء واستطلاع آرائهم تعد واحدة من أهم المؤشرات الرئيسية في نظام إدارة الجودة، وتساعد هذه البيانات في تقييم مدى توافق المنتجات أو الخدمات مع توقعات العملاء، مثل شركة تصنيع تجمع بيانات من استطلاعات رضا العملاء لتقييم مدى رضاهم عن جودة المنتجات، وبناء على هذه البيانات، يتم اتخاذ قرارات لتحسين المنتج أو الخدمة.

خطوات عملية اتخاذ القرار المبنية على الأدلة‎

لشرح خطوات عملية اتخاذ القرار المبنية على الأدلة وفقًا لمعيار (‏ISO9001:2015‎‏)‏‎ ‎‎ بشكل مفصل، سنقوم بتقسيم العملية إلى مراحل رئيسية، مع توضيح كل مرحلة وأهميتها، بالإضافة إلى كيفية تطبيقها عمليًا.

المرحلة رقم (1) تحديد الحاجة إلى اتخاذ قرار: أول خطوة في عملية اتخاذ القرار هي تحديد السبب أو الحاجة التي تتطلب اتخاذ قرار. قد يكون ذلك نتيجة لمشكلة تحتاج إلى حل، فرصة للتحسين، أو تغيير مطلوب في العمليات. هذه الخطوة تتضمن فهم واضح للوضع الحالي والأهداف التي يجب تحقيقها من خلال القرار، وبإجراء هذه الخطوة، نضمن أن جميع الأطراف المعنية تفهم السبب وراء اتخاذ القرار والأهداف المرجوة، مما يسهل توجيه الجهود والتركيز على النقاط الهامة، ومثال ذلك: إذا لاحظت الشركة زيادة في معدل شكاوى العملاء بشأن جودة المنتج، يتم تحديد الحاجة إلى تحسين الجودة كهدف رئيسي للقرار.

المرحلة رقم (2) جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة: في هذه المرحلة، يتم جمع البيانات والمعلومات الضرورية لفهم المشكلة أو الوضع بشكل كامل، ويشمل ذلك البيانات الكمية مثل الإحصاءات والتقارير، والبيانات النوعية مثل آراء العملاء أو ملاحظات الموظفين، وتعتمد جودة القرار على جودة البيانات المستخدمة، بدون بيانات دقيقة وموثوقة، يصبح من الصعب اتخاذ قرارات فعالة، ومثال ذلك، قيام شركة بمراجعة تقارير الأداء، إجراء استبيانات للعملاء، وتحليل بيانات الإنتاج لتحديد أين تحدث المشكلات.

المرحلة رقم (3) تحليل البيانات: بعد جمع البيانات، يتم تحليلها لتحديد الأسباب الجذرية للمشكلة أو لتقييم الخيارات المتاحة. يشمل التحليل استخدام الأدوات الإحصائية والنماذج التحليلية لفهم العلاقات بين المتغيرات المختلفة، ويتيح التحليل العميق للبيانات فهما أفضل للمشكلة وتحديد الحلول الأكثر فعالية بناءً على أدلة قوية، ومثال ذلك، إذا كانت الشكاوى تتعلق بمنتج معين، قد يكشف التحليل أن المشكلة مرتبطة بمورد معين أو بعملية إنتاج محددة.

المرحلة رقم (4) تحديد الخيارات وتقييمها: بناء على التحليل، يتم تحديد الخيارات أو البدائل المتاحة لحل المشكلة أو لتحقيق الهدف، ويتم تقييم كل خيار بناء على مجموعة من المعايير مثل التكلفة، الفعالية، التأثير على العمليات الأخرى، والوقت اللازم للتنفيذ، ويساعد تقييم الخيارات في اختيار الحل الأفضل من بين مجموعة من البدائل، مع مراعاة جميع العوامل المؤثرة، ومثال ذلك: يمكن للشركة أن تختار بين تعديل عملية الإنتاج، تدريب الموظفين، أو تغيير المورد بناء على تقييم شامل لكل خيار.

المرحلة رقم (5) اتخاذ القرار: بعد تقييم الخيارات، يتم اتخاذ القرار الأفضل الذي يحقق الأهداف بأكبر قدر من الكفاءة. يتم اختيار الحل الذي يقدم أفضل توازن بين الفوائد والمخاطر، ويعتبر اتخاذ القرار هو النقطة التي يتم فيها الالتزام بحل محدد وتنفيذه، والقرار الصحيح هو القرار الذي يعتمد على الأدلة والتحليل الدقيق، ومثال ذلك، إذا قررت الشركة تغيير المورد لضمان جودة أفضل للمواد الخام، فهذا هو القرار الذي سيتم تنفيذه.

المرحلة رقم (6) تنفيذ القرار: بعد اتخاذ القرار، يتم وضع خطة لتنفيذه. تشمل هذه الخطة تحديد الخطوات العملية، توزيع المسؤوليات، وتحديد الجداول الزمنية للتنفيذ. يجب مراقبة التنفيذ لضمان التزام الجميع بالخطة، والتنفيذ الفعال للقرار يضمن تحقيق الأهداف المرجوة، وفي هذه المرحلة تحتاج الشركات إلى نظام متابعة لضمان سير العملية كما هو مخطط لها، ومثال ذلك، إذا كان القرار هو تغيير المورد، يتم تنفيذ ذلك من خلال إعداد اتفاقيات جديدة، إبلاغ الفريق بالإجراءات الجديدة، وضمان استمرار الإنتاج دون انقطاع.

المرحلة رقم (7) مراقبة وتقييم نتائج القرار: بعد تنفيذ القرار، يتم مراقبة النتائج لجمع بيانات حول تأثير القرار ومدى تحقيقه للأهداف المتوقعة، ويتم تقييم النتائج مقابل الأهداف المحددة في البداية، وهذه الخطوة تضمن أن القرار يحقق النتائج المتوقعة، وإذا لم يكن كذلك، يتم تحديد الأسباب واتخاذ إجراءات تصحيحية، ومثال ذلك، تراقب الشركة جودة المنتجات بعد تغيير المورد لمعرفة ما إذا كانت المشكلة قد حلت أم لا.

المرحلة رقم (8) التعلم والتحسين المستمر: بناء على النتائج، يتم استخلاص الدروس والتعلم من التجربة لتحسين العمليات المستقبلية، وإذا لم تكن النتائج مرضية، قد يكون من الضروري العودة إلى مراحل سابقة لإعادة تقييم الخيارات أو اتخاذ قرار جديد، والتحسين المستمر هو جوهر نظام إدارة الجودة، التعلم من التجارب السابقة يساعد الشركات على التحسين المستمر لعملياتها واتخاذ قرارات أفضل في المستقبل، ومثال ذلك، إذا لم تنجح التغييرات في إحداث تحسين ملحوظ، يتم إعادة النظر في البيانات والخيارات الأخرى التي قد تؤدي إلى نتائج أفضل.

المرحلة رقم (9) التوثيق والمراجعة: يعد التوثيق جزءا أساسيا في معيار (ISO 9001:2015) إذ يجب توثيق جميع الخطوات والقرارات المتخذة لضمان الشفافية وإمكانية مراجعة العملية لاحقا، كما يجب مراجعة العملية بانتظام لضمان التحسين المستمر، وتبرز أهمية التوثيق لأنه يوفر مرجعا لعمليات المستقبل ويسمح بمراجعة الأداء وتحديد المجالات التي يمكن تحسينها، ومثال ذلك توثيق جميع الخطوات المتبعة في حل مشكلة العيوب، وتسجيل النتائج يساعد في مراجعة القرار وتحسين الإجراءات المستقبلية.

توثيق المعلومات وأهميته في اتخاذ القرارات

توثيق المعلومات هو عملية جمع وتسجيل البيانات والقرارات والإجراءات بشكل منظم ومستمر، بحيث تكون متاحة للمراجعة والتحليل في المستقبل. في سياق اتخاذ القرارات، وخاصة وفقًا لمعيار‏ (‏ISO 9001:2015‎‏)‏‎، يعتبر التوثيق أحد العناصر الأساسية التي تضمن أن القرارات تتخذ بناءً على أدلة قوية وتدعم التحسين المستمر. فيما يلي شرح لأهمية توثيق المعلومات في اتخاذ القرارات:

تحقيق الشفافية والمسؤولية: التوثيق يضمن أن جميع القرارات والإجراءات موثقة بشكل واضح ويمكن الرجوع إليها في أي وقت. هذا يعزز الشفافية داخل المنظمة ويحدد المسؤوليات بوضوح، مما يجعل من السهل تتبع من اتخذ القرار ولماذا؟ وتؤدي الشفافية والمسؤولية إلى تحقيق الثقة بين أعضاء الفريق وتضمنان الالتزام بالسياسات والإجراءات المتفق عليها، حيث يمكن الرجوع إلى التوثيق لاحقا لمعرفة الأسباب التي دفعت لهذا القرار ومن كان مسؤولاً عن اتخاذه.

دعم التحليل والتقييم: يوفر توثيق البيانات والقرارات قاعدة قوية لتحليل الأداء وتقييم فعالية القرارات المتخذة. يمكن استخدام المعلومات الموثقة لتحليل النتائج وتحديد ما إذا كانت الأهداف قد تحققت، والتحليل المستند إلى وثائق دقيقة يمكن أن يكشف عن فرص التحسين أو الحاجة إلى تعديل القرارات السابقة، يمكن استخدام البيانات الموثقة لمقارنة الأداء قبل وبعد التغيير، وتقييم ما إذا كانت التعديلات قد حققت النتائج المطلوبة.

دعم التعلم والتحسين المستمر: فمن من خلال توثيق القرارات والنتائج، تستطيع المنظمة بناء قاعدة معرفية تسهم في التعلم من التجارب السابقة، مما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل ويشجع على التحسين المستمر، كما أن التعلم من التجارب السابقة يساعد في تجنب تكرار الأخطاء وتحسين العمليات بشكل مستمر، ويمكن استخدام التوثيق السابق لتحديد الحلول التي نجحت سابقًا وتطبيقها بسرعة.

الامتثال للمعايير والمتطلبات القانونية: يعد التوثيق يعد جزءا أساسيا من الامتثال للمعايير ومن بينها (ISO 9001:2015) وكذلك المتطلبات القانونية والتنظيمية، فوجود سجلات موثقة يمكن أن يكون دليلا على الامتثال ويساعد في عمليات التدقيق الداخلية والخارجية، وأهمية التوثيق هنا تبرز في حماية المنظمة من المخاطر القانونية ويعزز سمعتها في السوق، حيث يمكن لفرق الالتزام والامتثال والمدققين الخارجيين طلب مراجعة الوثائق المتعلقة بقرارات الجودة للتأكد من الامتثال للمعايير.

تسهيل التعاون والتواصل: يضمن توثيق القرارات والمعلومات أن جميع أعضاء الفريق يمتلكون نفس المعلومات ويمكنهم العمل استنادا إلى قاعدة بيانات مشتركة، وهذه المسألة تسهل التعاون ويقلل من احتمالية حدوث سوء تفاهم أو تضارب في المعلومات، وللتعاون الجيد التعاون الجيد بين الفرق المختلفة أهمية قصوى، حيث يضمن تنفيذ القرارات بكفاءة وتحقيق الأهداف المرجوة، وعند تنفيذ مشروع جديد، يمكن لفريق المشروع الوصول إلى التوثيق الخاص بالقرارات الاستراتيجية لضمان أن الجميع يعمل وفقًا لنفس الرؤية والخطة.

وبناء على ما تقدم، يعد توثيق المعلومات والقرارات جزءا ضروريا في عملية اتخاذ القرار في نظام إدارة الجودة، لأنه يضمن التوثيق أن القرارات تستند إلى أدلة قوية، ويعزز الشفافية، ويسهل التحليل والتقييم، ويدعم التعلم المستمر، ويضمن الامتثال للمعايير القانونية والتنظيمية.

التحسين المستمر ودور البيانات في التحليل والتقييم

التحسين المستمر هو مفهوم أساسي في نظام إدارة الجودة، ويقصد به السعي الدائم لتحسين العمليات والمنتجات والخدمات داخل المنظمة، ويعد دور البيانات في التحليل والتقييم دورا جوهريا لتحقيق هذا التحسين المستمر، فيما يلي شرح مفصل حول كيفية استخدام البيانات في عملية التحليل والتقييم لتحسين الأداء:

أهمية التحسين المستمر: التحسين المستمر هو نهج مستمر يهدف إلى تحسين العمليات والأنظمة لتحقيق أعلى مستوى من الجودة والفعالية. يشمل هذا النهج تحسين الأداء، زيادة الكفاءة، وتعزيز رضا العملاء، وتنبع أهميته لأنه يضمن أن تبقى المنظمة قادرة على المنافسة في سوق دائم التغير، ويساعد في تجنب الركود، ويعزز الابتكار.

دور البيانات في التحليل:

  • جمع البيانات: البيانات توفر الأساس لتحليل الأداء وفهم فعالية العمليات. تشمل البيانات التي يتم جمعها معلومات عن الأداء، جودة المنتجات، رضا العملاء، وغيرها، والبيانات الدقيقة والموثوقة تعد ضرورة قصوى لتقييم مدى نجاح العمليات وتحديد مجالات التحسين.
  • تحليل البيانات: يتضمن تحليل البيانات استخدام أدوات وتقنيات إحصائية لفهم الأنماط والاتجاهات، ويمكن استخدام أدوات مثل الرسوم البيانية، التحليل الإحصائي، وتحليل الأسباب الجذرية لتحديد مشكلات الأداء، كما أن هذا التحليل يساعد في فهم الأسباب الجذرية للمشكلات، تحديد مجالات الضعف، وتقديم تصورات واقعية حول كيفية تحسين الأداء.

تقييم الأداء: يتم تقييم الأداء بناء على تحليل البيانات لمقارنة الأداء الحالي بالأهداف والمعايير المحددة، ويتضمن ذلك مراجعة النتائج وتحديد مدى تحقيق الأهداف، ويوفر تقييم الأداء أساسا لتحديد مدى فعالية التحسينات وتنفيذ الإجراءات التصحيحية إذا لزم الأمر.

اتخاذ الإجراءات التصحيحية: بناء على تحليل البيانات وتقييم الأداء، يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية أو تحسينية لمعالجة المشكلات المحددة وتعزيز الأداء، وتساعد الإجراءات التصحيحية في تصحيح المشكلات وتحقيق الأهداف المرسومة، مما يعزز التحسين المستمر.

مراجعة الأداء والتحسين المستمر: تشمل مراجعة دورية للأداء والنتائج للتحقق من فعالية الإجراءات التصحيحية والتأكد من استمرار تحسين العمليات، وتساعد المراجعة المستمرة في ضمان أن التحسينات التي تم تنفيذها تستمر في تحقيق النتائج المرجوة وتتيح تعديل الاستراتيجيات حسب الحاجة.

مشاركة أصحاب المصلحة والتواصل الفعال

مشاركة أصحاب المصلحة والتواصل الفعّال هما عنصران أساسيان في إدارة الجودة وفقًا لمعيار ISO 9001:2015. تساهم هاتان الممارستان في ضمان تحقيق أهداف الجودة، تحسين الأداء، وتعزيز رضا العملاء. فيما يلي شرح مفصل لكل منهما:

أولا – مشاركة أصحاب المصلحة: أصحاب المصلحة هم الأفراد أو الجماعات التي تتأثر أو تؤثر على أنشطة المنظمة، مثل الموظفين، العملاء، الموردين، والمجتمع، وتعني مشاركتهم إشراكهم في اتخاذ القرارات والتخطيط وتحقيق الأهداف، وتعزز هذه المشاركة التفاعل والتعاون بين المنظمة وأصحاب المصلحة، مما يساعد في تحقيق الأهداف بشكل أكثر فعالية ويقلل من مقاومة التغيير، ومثال ذلك عندما المنظمة لإحداث تغيير في عمليات الإنتاج، فإن إشراك موظفي الإنتاج والمشرفين في مناقشات التغيير يساعد في تحديد المشكلات المحتملة وتطوير حلول مناسبة.

كيفية تحقيق المشاركة: تتم عملية إشراك أصحاب المصلحة من خلال:

  • تحديد جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين الذين لهم تأثير على المنشأة أو يتأثرون بأنشطتها.
  • توفير طرق مناسبة لإشراك أصحاب المصلحة مثل الاجتماعات، الاستبيانات، أو مجموعات التركيز، لطرح آرائهم وتوقعاتهم وملاحظاتهم ويتم جمع الآراء والتوقعات والملاحظات وتضمينها في عمليات اتخاذ القرار، بعد إجراء التحليل المناسب لها.
  • فوائد المشاركة:
  • تحسين قرارات الجودة: من خلال الاستماع إلى وجهات نظر متعددة، يمكن اتخاذ قرارات أكثر اطلاعًا.
  • زيادة رضا العملاء: تلبية احتياجات وتوقعات العملاء بشكل أفضل يؤدي إلى تعزيز رضاهم وولائهم.
  • تعزيز الكفاءة: مشاركة الموظفين في قرارات العمل يمكن أن يحسن الكفاءة ويقلل من الأخطاء.

ثانيا – التواصل الفعّال: ينطويالتواصل الفعّال على تبادل المعلومات بوضوح وشفافية بين جميع الأطراف المعنية، بما يعزز التعاون، الفهم المشترك، وضمان أن الجميع على علم بما يحدث، ويقلل من سوء الفهم، يحسن التنسيق، ويضمن تنفيذ الاستراتيجيات والخطط بشكل صحيح، فإذا كان هناك تغيير في سياسة الجودة على سبيل المثال، يجب إبلاغ جميع الموظفين بشكل واضح حول التغييرات وأسبابها وكيفية تأثيرها على عملهم.

كيفية تحقيق التواصل الفعّال: يتم تحقيق التواصل الفعال من خلال:

  • اختيار القنوات المناسبة مثل البريد الإلكتروني، الاجتماعات، أو النشرات الإخبارية لضمان وصول المعلومات إلى جميع الأطراف المعنية.
  • تقديم المعلومات بشكل واضح ومفهوم، وتجنب المصطلحات الفنية المعقدة التي قد تكون صعبة الفهم أو تؤدي إلى سوء الإدراك.
  • توفير وسائل لاستقبال الملاحظات وردود الأفعال والتعليقات من أصحاب المصلحة وتوجيهها إلى الفرق المناسبة للتحليل والمتابعة.

فوائد التواصل الفعّال

  • التأكد من أن جميع الأفراد لديهم فهم واضح للأهداف والعمليات.
  • تعزيز الالتزام بالمشروعات والسياسات والإجراءات، حيث يشعر الأفراد بأنهم جزء من العملية.
  • تعزيز الشفافية، حيث يوفر التواصل الشفاف وضوحا حول العمليات والقرارات، مما يقلل من الشكوك ويزيد من الثقة.

أمثلة عملية من تطبيقات (ISO 9001:2015):

الوضع الحالي: شركة تصنيع تعاني من ارتفاع معدل العيوب في خط الإنتاج.

الإجراءات المتخذة:

  • جمع البيانات: جمع بيانات مفصلة عن العيوب، بما في ذلك نوع العيوب، وقت حدوثها، والمعدات المستخدمة.
  • تحليل البيانات: استخدام أدوات التحليل مثل الرسوم البيانية والتحليل الإحصائي لتحديد الأنماط والاتجاهات. على سبيل المثال، تحليل البيانات قد يكشف أن العيوب تحدث بشكل متكرر في معدات معينة أو في فترة زمنية معينة.
  • اتخاذ القرار: بناءً على التحليل، يتم اتخاذ قرار بتحديث أو صيانة المعدات المسببة للمشاكل أو تعديل عملية الإنتاج.
  • تقييم النتائج: بعد تنفيذ التعديلات، يتم جمع البيانات مرة أخرى لقياس تأثير التغييرات على معدل العيوب.

النتائج:

  • تحسين الجودة: انخفاض معدل العيوب وتحسين جودة المنتجات، وفي حال أظهرت البيانات أن نسبة العيوب في قطع الإنتاج من جهاز معين مرتفعة، يمكن استبدال الجهاز أو صيانته وتحسين أداء العملية بشكل عام.

الوضع الحالي: شركة تجارة تجزئة تواجه شكاوى متزايدة بشأن تأخير الشحنات.

الإجراءات المتخذة:

  • جمع البيانات: تتبع بيانات الشحنات، بما في ذلك أوقات الشحن، تأخيرات التسليم، وأسبابها.
  • تحليل البيانات: تحليل بيانات الشحنات باستخدام أدوات تحليل البيانات لتحديد أسباب التأخير. قد تكشف البيانات عن مشكلات في سلسلة التوريد أو في إدارة المخزون.
  • اتخاذ القرار: بناءً على التحليل، يتم اتخاذ قرارات مثل تحسين إدارة المخزون، التعاقد مع شركات شحن أكثر فعالية، أو تحسين تخطيط الشحنات.
  • تقييم النتائج: متابعة بيانات الشحنات بعد تنفيذ التعديلات لقياس التحسن في أوقات التسليم.

النتائج:

  • تحسين رضا العملاء: تقليل التأخيرات في التسليم وزيادة رضا العملاء، وإذا أظهرت البيانات أن التأخيرات تحدث بسبب مشكلات في التخزين، يمكن تحسين نظام إدارة المخزون لتقليل الوقت المستغرق في معالجة الطلبات.

الوضع الحالي: مستشفى يسعى لتحسين إجراءات الأمان والسلامة للمرضى.

الإجراءات المتخذة:

  • جمع البيانات: جمع بيانات عن الحوادث المرتبطة بالسلامة، الأخطاء الطبية، والتقارير الطبية.
  • تحليل البيانات: تحليل البيانات لتحديد الاتجاهات مثل الأنواع الشائعة للحوادث أو الأخطاء.
  • اتخاذ القرار: تطوير سياسات جديدة أو تحسين الإجراءات بناءً على التحليل، مثل إدخال بروتوكولات جديدة للسلامة أو تحسين تدريب الموظفين.
  • تقييم النتائج: متابعة بيانات الأمان بعد تنفيذ التعديلات لقياس تأثيرها على سلامة المرضى.

النتائج:

  • تحسين السلامة: تقليل الحوادث المرتبطة بالسلامة وزيادة رضا المرضى، وإذا أظهرت البيانات أن الأخطاء الطبية تحدث في وحدات معينة، يمكن تحسين التدريب والإجراءات في تلك الوحدات لزيادة السلامة.

الاستدامة في تطبيق (ISO 9001:2015) من خلال اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة

تعتبر الاستدامة من العناصر الحيوية في تطبيق معيار (ISO 9001:2015) إذ تلعب دورا مهما في ضمان استمرارية تحسين الجودة وتحقيق الأهداف التنظيمية على المدى الطويل. يمكن تلخيص أهمية الاستدامة في هذا السياق من خلال النقاط التالية:

تعزيز فعالية النظام: تطبيق نظام إدارة الجودة وفقًا لـ (ISO 9001:2015) يتطلب اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة والبيانات، وهذا النهج لا يضمن تحسين جودة المنتجات والخدمات بشكل مستدام، مما يعزز قدرة النظام على تحقيق الأهداف بفعالية.

تحسين الكفاءة والابتكار: القرارات المبنية على الأدلة توفر أساسا متينا لتحديد مجالات التحسين والابتكار، وبناء عليه، يمكن للمنظمات تحسين عملياتها بشكل مستمر، وهذه التحسينات تؤدي إلى زيادة الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف، مما يعزز القدرة التنافسية على المدى الطويل.

ضمان رضا العملاء: الاستدامة في الجودة تعني أيضا ضمان رضا العملاء المستمر، واتخاذ القرارات المبنية على الأدلة يساعد في فهم احتياجات وتوقعات العملاء بشكل أفضل، مما يمكن المنظمات من تلبية هذه الاحتياجات بشكل أكثر فعالية، مما يعزز رضا العملاء ويزيد من ولائهم، ويساهم في نجاح المنظمة على المدى الطويل.

دعم اتخاذ قرارات استراتيجية: البيانات والأدلة توفر رؤية شاملة تساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة، ومن خلال تحليل الاتجاهات والأنماط، يمكن للمنظمات التنبؤ بالتحديات المستقبلية واتخاذ إجراءات استباقية، وهذا النهج الاستراتيجي يعزز استدامة الأداء ويضمن التكيف مع التغيرات في السوق والبيئة التنافسية.

تعزيز الشفافية والمصداقية: الاعتماد على البيانات في اتخاذ القرارات يعزز الشفافية والمصداقية داخل المنظمة، فعندما تكون القرارات مبنية على الأدلة الموثوقة، يكون من السهل تبرير الإجراءات والإصلاحات للمستفيدين وأصحاب المصلحة، مما يعزز الثقة في النظام ويساعد في بناء سمعة إيجابية للمنظمة.

التحسين المستمر: الاستدامة في تطبيق (ISO 9001:2015) تتطلب الالتزام بالتحسين المستمر، واستخدام البيانات لتحليل الأداء وتحديد مجالات التحسين يعزز قدرة المنظمة على التكيف مع التغييرات والنمو في السوق، هذا النهج يساعد في تحقيق التحسينات المستمرة في الجودة، مما يساهم في الحفاظ على تنافسية المنظمة في بيئة الأعمال المتغيرة.

تحديات تطبيق اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة وفقا لـ (ISO 9001:2015)

تطبيق اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة وفقًا لمعيار ISO 9001:2015 يمكن أن يواجه عدة تحديات. تفهم هذه التحديات وكيفية التعامل معها يمكن أن يعزز فعالية النظام. فيما يلي بعض من أبرز التحديات وكيفية معالجتها:

التحدي: البيانات غير الدقيقة أو غير الموثوقة يمكن أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة. قد تشمل المشكلات في جودة البيانات الأخطاء، نقص البيانات، أو البيانات القديمة.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في جودة البيانات وإمكانية الوثوق بها يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • التدقيق والتحقق: تنفيذ إجراءات تدقيق بيانات دورية للتحقق من دقتها وموثوقيتها.
  • تحديث البيانات: التأكد من أن البيانات محدثة وتعكس الوضع الحالي.

مثال: إذا كانت البيانات المالية غير دقيقة، يجب تنفيذ عمليات تدقيق ومراجعة دورية للتأكد من صحة البيانات قبل استخدامها في اتخاذ القرارات.

التحدي: قد يكون من الصعب جمع البيانات الكافية أو تحليلها بشكل فعال، خاصة إذا كانت البيانات موزعة على أنظمة مختلفة أو غير منظمة.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في توافر البيانات وتحيليلها، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • تنظيم البيانات: استخدام نظم إدارة البيانات التي تجمع وتخزن البيانات بشكل منظم وسهل الوصول إليه.
  • أدوات التحليل: استخدام أدوات التحليل المتقدمة مثل برامج تحليل البيانات وبرامج ذكاء الأعمال لتحليل البيانات بشكل فعال.

مثال: إذا كانت البيانات موزعة على عدة أقسام، يمكن دمج البيانات في قاعدة بيانات مركزية لاستخدام أدوات تحليلية متقدمة لفهم الأنماط والاتجاهات.

التحدي: قد يواجه الأفراد في المنظمة مقاومة للتغيير عند اعتماد قرارات مبنية على بيانات جديدة أو تغيير أساليب العمل الحالية.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في توافر البيانات وتحليلها، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • التواصل الفعّال: شرح فوائد التغيير وفوائد اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة لجميع المعنيين.
  • التدريب والمشاركة: توفير التدريب والدعم للأفراد لضمان أنهم يفهمون كيف ستؤثر التغييرات على عملهم.

مثال: إذا تم تغيير عملية الإنتاج بناءً على تحليل بيانات الأداء، يمكن تقديم ورش عمل للموظفين لشرح كيف سيؤدي هذا التغيير إلى تحسين الكفاءة.

التحدي: وجود كميات كبيرة من البيانات يمكن أن يكون مربكًا ويجعل من الصعب استخراج المعلومات الهامة منها.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في التعامل مع الكم الهائل من البيانات، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • فرز وتصفية البيانات: استخدام تقنيات تصفية وتحليل لاستخراج البيانات الأكثر صلة وتحليلها.
  • التركيز على البيانات الرئيسية: تحديد الأهداف ومؤشرات الأداء الرئيسية وحاجة المنظمة من البيانات التي توفر لها تصورات هامة لاتخاذ القرار.

مثال: إذا كانت هناك كميات ضخمة من بيانات العملاء، يمكن تصفية البيانات لتحديد العوامل التي تؤثر على رضا العملاء وتحليلها لتوجيه استراتيجيات تحسين الخدمة.

التحدي: بيانات تأتي من مصادر متعددة قد تكون غير متوافقة أو ذات تنسيقات مختلفة، مما يجعل من الصعب دمجها وتحليلها بشكل فعال.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في ضمان تكامل البيانات من مصادر متعددة، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • توحيد البيانات: استخدام نظم تكامل البيانات لتوحيد البيانات من مصادر متعددة في تنسيق موحد.
  • التوافق والمواءمة: ضمان توافق البيانات مع معايير الجودة وإجراءات العمل.

مثال: إذا كانت بيانات المبيعات تأتي من أنظمة مختلفة، يمكن استخدام أدوات تكامل البيانات لتوحيد هذه البيانات وتحليلها بشكل متكامل.

التحدي: البيانات التاريخية قد لا تعكس بدقة التوجهات المستقبلية، مما يجعل التنبؤ بالمستقبل صعبًا.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في القدرة على التنبؤ بناء على البيانات، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • نماذج التنبؤ: استخدام نماذج التحليل التنبئي والتعلم الآلي لتحسين القدرة على التنبؤ بناءً على البيانات التاريخية.
  • مراجعة التوقعات: مراجعة وتحديث التوقعات بانتظام بناءً على أحدث البيانات والمعطيات.

مثال: استخدام نماذج تنبؤية لتحليل الاتجاهات المستقبلية في الطلب على المنتجات وتعديل استراتيجيات الإنتاج بناءً على هذه التنبؤات.

التحدي: التغييرات المستمرة في البيئة التجارية أو في العمليات قد تتطلب تحديثات مستمرة للبيانات والأدوات التحليلية.

الحلول المقترحة: لمعالجة التحدي المتمثل في إدارة التغيير والتطوير المتسمر، يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • التحديث الدوري: تحديث النظم والأدوات التحليلية بانتظام لمواكبة التغيرات.
  • التقييم والتكيف: تقييم فعالية الأدوات والعمليات بانتظام والتكيف مع التغيرات لضمان استمرار نجاح اتخاذ القرارات المبنية على البيانات.

مثال: تحديث برامج التحليل وإجراءات العمل لمواكبة التطورات التكنولوجية والاتجاهات السوقية الجديدة.

أخيرا..

تعتبر عملية اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات، وفقًا لمعيار‎ ‎‏(‏ISO 9001:2015‎‏)‏، من الأسس الجوهرية في تحقيق إدارة جودة فعّالة ومستدامة. من خلال الاعتماد على البيانات الدقيقة والتحليل المنهجي، يمكن للمنظمات تحسين عملياتها واتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة تعزز من قدرتها التنافسية ورضا العملاء.

في النهاية، يبرز معيار ‎‎‏(‏ISO 9001:2015‎‏)‏ كأداة قوية لتحقيق التحسين المستمر من خلال تقديم إطار عمل مبني على البيانات والأدلة. هذا النهج لا يساهم فقط في تحقيق الأهداف القصيرة المدى، بل يساهم أيضًا في ضمان استدامة الأداء وتحقيق النجاح على المدى الطويل.


اكتشاف المزيد من خالد الشريعة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

رأيان حول “اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والبيانات

اضافة لك

  1. التنبيهات: خالد محمد الشريعة

انشر رأيك أو تعليقك حول هذا الموضوع

ابدأ مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑