المكافآت السخية للصداقة:
لا بد أن نحصن أنفسنا ضد هذه الحياة بالعديد من الصداقات، فلا توجد سعادة تضاهي شعور الإنسان عندما يحب شخصاً أو يجد شخصاً يحبه. (سيدني سميث)
هل تعجبت يوما من قدرة بعض الناس على جذب الآخرين نحوهم؟ واكتساب إعجاب وحب الأصدقاء؟ فبعض الرجال والنساء من ذوي المظهر العادي يجذبون الآخرين نحوهم مثلما يجذب المغناطيس قطع الحديد، وبعض المدراء التنفيذيين الذين لا تبدو عليهم علامات العبقرية يكونون حولهم شبكة متسعة من الأصدقاء المخلصين، وبسبب هذا فهم يتقدمون بسرعة.
فمثل هؤلاء الأشخاص قد يكونون أو لا يكونون أغنياء أو ذوي ذكاء حاد، أو حتى مدعومين بأرقى أنواع التعليم، لكن بداخل شخصياتهم يوجد مكون رئيسي وهو المسؤول عن أنهم يحضون بالاحترام والإعجاب، وهذا هو ما أطلق عليه عامل الصداقة.
أولاً – لماذا يتمتع بعض الناس بصحبة الأصدقاء دوماً؟
يجب أن يتعلم الإنسان الحب، ويتعلمه مرارا وتكرارا، فليس هناك نهاية للحب، أما الكراهية فلا تحتاج إلى تعليمات، إلا أن تستثيرها فقط! (كاترين آن بورتر)
قال إيمرسون: نحن نهتم بصحتنا ونجمع الأموال، ونملأ مساكننا بالأثاث، ونهتم بأناقة ملابسنا، لكن من منا يجرؤ على القول بأنه لا يريد أثمن الممتلكات؟ ألا وهي الصداقة.
الحب طريق السعادة – قال جورج برنارد شو: إن الطريقة الأكيدة التي تجعلك بائساً هي أن يكون لديك الفراغ الكافي لتتساءل: هل أنت سعيد أم لا؟ فنحن لا نكتشف السعادة في أثناء بحثنا عنها، ففي معظم الأحوال تعتبر نتاجا ثانويا نحصل عليه، بينما نمنح أنفسنا للآخرين.
القاعدة الأولى لتجعل صداقاتك أكثر عمقاً هي: أن تضع علاقاتك في صدارة أولوياتك.
فن عرض النفس:
يتكون الحب عندما يقوم شخصان وحيدان بحماية ولمس وتحية بعضهما البعض. (رايز ماريا رايلك)
قد يكون الناس يتمتعون بصداقات وثيقة دائماً منطويين أو منفتحين، كبارا أو صغارا، أذكياء أو محدودي الذكاء، بسطاء أو ذوي مظهر وسيم، لكن ما يجمعهم جميعا هو اشتراكهم في سمة واحدة، ألا وهي عدم ظهورهم بمظهر مخادع، فلديهم نوع خاص من الشفافية يسمح لك برؤية ما في قلوبهم.
القاعدة الثانية لتعميق صداقاتك هي: عليك بتنمية الشفافية.
كيف توصل الدفء إلى الآخرين؟
لا يعتمد رأينا في الناس على ما نراه فيهم، ولكن على ما يجعلوننا نراه في أنفسنا. (سارة جراند)
نحن معتادون على حجب تعبيرنا عن الشعور بالدفء والمودة خوفا من أن نبدو عاطفيين، وبهذا نفتقد صداقات ثرية وعميقة، فنحن نكتفي بقول: شكراً، حينما نعني: يحفظك الله، ونقول: وداعاً، عندما نعني: سوف أفتقدك كثيراً، ويقول ج. ك. شسترون: إن أعظم مخاوفنا هو أن نبدو مرهفي المشاعر وعاطفيين، ولو أصبحنا أكثر حرية في التعبير عن مشاعرنا فسوف يزيد هذا من قدر الحب الذي يغلف علاقاتنا، وقد فعل الأنبياء والرسل هذا، وقد عبروا عن حبهم لأتباعهم بمئات الوسائل المتعددة، ولم يساورهم أي شك في مقدار هذا الحب لهم.
القاعدة الثالثة لتعميق صداقاتك هي: لا تتحرج من الحديث عن حبك.
الحب أفعال:
إن أفضل ما في حياة الإنسان الطيب هي تلك الأفعال البسيطة المجهولة المنسية المعبرة عن حبه وطيبته. (ويليام وردث وورث)
كتب فريدريك سيكمان كتابا بعنوان: Love is Something You Do الحب هو الأشياء التي تفعلها، وكم هو عنوان مناسب، فعندما نحب، نميل لأن نفكر في مشاعر رائعة وأفعال بطولية. لكن بغض النظر عن أهمية تلك الأوقات التي نشعر فيها بالحب فإنها قليلة في حياتنا، فأفضل الصداقات تنمو وتتكون من طبقات متراكمة من أعمال الود والطيبة، تماما مثل طبقات الدهان النهائية التي تصقل السطح.
عندما توفيت زوجة ألبرت أينشتاين عام 1936م انتقلت أخته مايا للعيش معه، ومساعدة هذا الرجل العظيم في شؤون المنزل، وفي عام 1950م أصابتها سكتة دماغية، دخلت على أثرها في حالة من الغيبوبة، ومنذ ذلك الحين قام أينشتاين بقضاء ساعتين معها يوميا، يقرأ لها كتابات أفلاطون بصوت عالٍ، وعلى الرغم من عدم إبدائها أي بادرة للفهم إلا أن إحساسه أخبره أن جزءا من عقلها كان حيا، وكان يعلم أنه يمكنه بواسطة تلك الأفعال اللطيفة توصيل مدى حبه.
القاعدة الرابعة لتحسين علاقاتك هي: عليك بتعلم إشارات الحب.
إذا تجاهلت هذا سينصرف عنك الأصدقاء!
الحب لا يعني التملك. (حكمة)
هناك خاصية في شخصياتنا يرجع الفضل إليها في التأثير على مجرى علاقاتنا جميعها أكثر من أي خاصية أخرى، وهي سمة موجودة فينا جميعا بدرجات متفاوتة، لكنها عندما تزيد على الحد تكون ذات تأثير مدمر، وتتسبب في نفور الناس منا.
ونشير هنا إلى ميلنا للتحكم في الآخرين، وهذا الخاصية الشريرة غالبا ما ترتدي قناع الحب، فمثلا: تقوم الأم التي تفرض حمايتها المفرطة على صغارها (عزيزي.. أنا أفعل هذا لمصلحتك)، أما الرجل الذي دائما يوجه تصرفات صديقه يقول في نفسه: (إن هذا من أجل مصلحته)، لكن التأثير يصبح خانقا وأنا لا أعرف إنسانا لا يسعى إلى الخلاص من قبضة من يحاولون تقويم تصرفاته. قم بتصنيف صداقاتك المنتهية والأشخاص الذين لن تراهم مجدداً، أليسوا هم الأشخاص الذين يحاولون نصحك، أو السيطرة عليك، أو التحكم بك أو حتى الحكم عليك.
ويقول أحد الحكماء غير المعروفين: هناك سر بسيط في جوهر الحب، فالمحب يترك من يحب حراً. فأولئك الذين يتمتعون بعلاقات ناجحة يسمحون لمن يحبون أن يتمتعوا بمساحة من الحرية فبدلا من امتلاك أصدقائهم فإنهم يحاولون أن يساعدوهم على التوسع في علاقاتهم، وأن ينموا ويصبحوا أحراراً.
القاعدة الخامسة لتعميق الحب في نفسك:
اعمل على خلق مساحات في علاقاتك.
ثانياً – خمسة إرشادات لخلق الحميمية
من فضلك! تعلم التعامل بلغة الجسد.
جسم الإنسان هو أعظم وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، فيه نستطيع أن نقول ما لا يمكن قوله باللسان. (توماس كارلايل)
فن تأكيد الإعجاب:
يمكنني أن أعيش لمدة شهرين على ذكرى مجاملة طيبة. (مارك توين)
إن قاعدة السلوك الرئيسية للطبيعة البشرية هي الشوق إلى التقدير. (ويليام جيمس)
مفهوم الزواج القائم على الحوار:
لقد اكتشفنا كلمة رائعة في مجال العلاج النفسي. وهي لا تتكون إلا من أربعة أحرف فقط وهي: تكلم. (بنيي وريتشارد جرينا)
كيف تحسن من مهارات الحوار لديك:
أولى مهام المحب هي أن ينصت. (بول تيليش) – يقول فولتير: الطريق إلى القلب يبدأ من الأذن.
عندما تصبح الدموع هبة من عند الله:
كثيرا ما شعرت بالأسف للناس الذين يخافون من الشعور والإحساس والذين لا يمكنهم البكاء من أعماقهم، فمن لا يقدر على البكاء لا يقدر على الضحك أيضا.
الاعتداد بالنفس شيء قيم، ودائما ما يدخل في نسيج صورتنا عن الحلم بحياة سعيدة، لكنه يمكن أن يتجاوز مجرد جعله الناس أقويا، بل قد يجعلهم قساة، فيمكن أن يتحول الأمر إلى الغلظة، وهو ما يجعل الناس منعزلين ومتعجرفين.
ثالثاً – طرق التعامل مع المشاعر السلبية دون تدمير العلاقات:
لن يفيدك كثيرا أن تكون لطيفا على الدوام:
إذا غضبت فلا تخطئ ولا تَنَمْ ليلتك غاضباً.
إذا لم يكن قادراً على إظهار الغضب فبالتأكيد هو غير قادر على إظهار الحب، فهو يسيطر على مشاعره بشكل مبالغ فيه، حتى لا يظهر الغضب. وقد اختلف علماء النفس في كل شيء تقريبا، لكنهم اتفقوا بخصوص هذه النقطة بصورة تثير الدهشة، وهي أنه لا وجود مطلقا للشخص الذي لا يغضب، هناك فقط من يبكت الغضب، وقد يكون تأجيل التعبير عن الغضب ضروريا أحيانا، لكن أن يدفن المرء غضبه تماما فإن ذلك قد يسبب له آلاف المشكلات النفسية والجسدية، وكذلك بعض الصعوبات في علاقاته.
من الصعب التعامل مع الناس العدائيين بصورة سلبية عن التعامل مع الذين يعبرون عن أنفسهم بغضب صريح ومباشر، بينما يعبر سلوكهم وكل ذرة في جسدهم عن أنهم مجروحون إلا أنهم ينكرون دائما حدوث أي شيء يعكر الصفو، وتكون النتيجة: إن هذا الغضب الدفين يلتهم الصداقة تماماً.
عندما نفقد أعصابنا من الغضب، فذلك غالبا لأننا تركنا الغضب يتراكم في نفوسنا لفترة طويلة، وهو ما خلق قوة مدمرة داخلنا، والنتيجة هي الانفجار المفاجئ، وقد يحدث الانفجار المفاجئ لسبب تافه.
ستة أساليب لمساعدتك على أن تغضب دون أن تكون مدمراً.
أفضل أنواع الشجار تلك التي تحدث بينك وبين والدتك.
هل من الممكن حدوث شجار نظيف؟ ليس فقط من الممكن بل إنه ضروري للغاية في الصداقات المتينة، وإليك بستة أساليب للقيام بذلك:
1- تحدث عن مشاعرك وليس عن أخطاء صديقك.
2- التزم بالحديث في موضوع واحد.
3- اسعَ إلى التنفيس وحل المشكلة، لا إلى التنافس.
4- اترك لصديقك فرصة الرد.
5- تجنب استخدام المواد الكيميائية كوسائل للتهدئة.
6- خفف من حدة النقد بإبداء الود.
رابعاً – كيف تنقذ الصداقة المتعثرة؟
لماذا تفسد العلاقات؟
الصداقة مثل المال، يسهل صنعها عن الاحتفاظ بها. (صموئل باتلر)
تمر أفضل علاقات الصداقة أحيانا بأجواء متقلبة من عدم التفاهم والتجاوب، وقد يعتقد البعض أنه ما دام الغضب موجها لديهم فيعني هذا أن العلاقة قد انتهت، وهذا ليس صحيحا بالضرورة، في الواقع إن أحد أسرار العلاقات السليمة هي تلك القدرة على توقع مثل هذه العواصف المفاجئة، فإذا أدركت أن كل علاقة طويلة الأمد لابد لها من مواجهة مثل تلك الأوقات الصعبة؛ فعندئذ لن تجد في نفسك القدرة على إنهاء العلاقة عند حدوث مثل تلك الهزات.
إن الحب يعني ألا تضع نفسك في موقف يجعلك مضطرا لأن تقول إنك آسف.
فكلنا نخطئ في كثير من الأحيان، ومن الحماقة أن نترك كبرياءنا وإحساسنا بعدم الأمان يمنعاننا من الاعتراف بهذا مما يتسبب في تدمير العلاقة. وكما كتب نورمان فينست بايلي ذات مرة: إن الاعتذار الحقيقي لا يكون مجرد اعتراف بحدوث خطأ من جانبك، لكنه اعتراف منك بأنك قلت أو فعلت شيئا آخر بالعلاقة، وإنك حريص على العلاقة بصورة كافية حتى أنك تبغي إصلاحها وإعادتها إلى ما كانت عليه. (الاعتذار هنا دليل على حرصك الشديد على استمرار العلاقة).
التسامح الخلاق
اللهم ساعدنا على التغيير حين نخطئ، واجعلنا أكثر قدرة على التعايش حين نصيب. (بيتر مارشال)
قد يوصف الشخص المتسامح أحيانا بأنه ضعيف، وغير قادر على الإيذاء، ولكن العكس هو الصحيح، فإن التسامح يتطلب من المرء أن يكون قوياً، حيث أن التسامح قوة إيجابية للغاية، فهي قادرة أن تغيرك أنت ومن تحب. والشيء المحزن بخصوص الكراهية هو ما تسببه من أثر في نفس من يكره، فإن أخطر ما ينجم عن الكراهية والحقد والتشاحن والبغضاء هو أن تلك المشاعر تأكلنا مثلما يفعل الحمض تماما، فتلك المرارة لا تغمر من حولنا وتفسد علاقاتنا فقط، بل إنها أيضا تأكل أرواحنا.
أعتقد أننا إذا أحببنا فلا بد أن نتقبل ونؤمن بأن شخصيات الناس تتغير تماما مثلما تغير بعض الحيوانات جلودها، وإن الأخطاء تحدث، والناس يتوبون عن أخطائهم بصورة أو بأخرى، فعندما نكون في علاقة دائمة فلابد لنا أن نعيش الحاضر وننسى بعض السقطات البسيطة التي حدثت في الماضي، حيث لابد أن يحدث خطأ من جانب أحد أطراف العلاقة سواء عاجلا أم آجلا، فقد يوجه من نحب – في إحدى لحظات الضعف – انتقادا لنا، أو يجرح مشاعرنا، وربما يصل الأمر إلى القطيعة أو الهجر، وإذا سمحنا لأنفسنا بالتمسك بتلك الأخطاء فإننا نحكم على علاقتنا بالهلاك، فعندما نحتفظ دوما بسجل لكل الأخطاء التي ارتكبها الطرف الآخر فسوف نصبح على استعداد لتوجيه الاتهام له دوما. وإنه لمن الغريب حقا إننا ننسى أخطاءنا بسرعة شديدة، بينما نحتفظ بأخطاء الآخرين لفترات طويلة.
خامساً – الالتزام:
الولاء هو العنصر الأساسي:
الصديق هو الإنسان الذي يقترب منك بينما يبتعد عنك الآخرون. (والتر وينشيل)
الرفض وعواقبه السيئة:
أنا فقط أواصل اللعب وضرب الكرة. (بتروث)
سادساً – الشخصية الحميمة:
لماذا يعد الخضوع شيئا خطيرا؟
إن التناقض الكامن في الحب هو أنه يمثل أعلى درجات الشعور بالذات والتفرد، وأعلى درجات التوحد مع الطرف الآخر. (رولو ماي)
الشعور بقيمة الذات مطلب أساسي لتحقيق الحميمية:
نادرا ما تدوم الصداقة إلا بين الأكفاء، ولا نجد أن المكاسب التي لا ترد أو المنح التي لا تسدد تثري مشاعر الحب فهذه الأشياء تبعث على الامتنان وتزيد من التوقير والتبجيل، لكنها تذهب الشعور بالراحة والألفة والتي بدونها لا يمكن للصداقة أن توجد. (صموئيل جونسون)
فن التكيف:
نادرا ما يأتي الحب بصورة تلقائية وفورية ونشيطة، فغالبا ما يستغرق الأمر وقتا لنصنع الحب، وهو يأتي نتاج للعمل والتفكير، وتشجيع المساواة ينبع أيضا من القدرة على التلاؤم والتكيف. (ويليام ليديرر)
إهداء خاص من أسرة الموقع إلى كل من خاض علاقة عاطفية وفشل فيها. نقول له:
لا نهاية للحب. (كاتب غير معروف)
الكتاب: عنصر الصداقة الأساسي
المؤلف: آلان لوي ماكجينيس
الناشر: مكتبة جرير – 2007